الأحد، 18 سبتمبر 2011

بنك كريدي أجريكول مصر، ونظام (فوت علينا بكره)


بنك كريدي أجريكول مصر، ونظام (فوت علينا بكره)

بقلم: أحمد إبراهيم أحمد
عضو اتحــــــــــاد كتاب مصر

 أودعت قبل ما يقارب الثلاثين عاماً مبلغاً متواضعاً كوديعة في البنك المصري الأمريكي من خلال سيدة رائعة شديدة التهذيب تدعى مدام هادية في فرع صلاح سالم بالإسكندرية، وكانت عملية بسيطة ودقيقة فيما يعرف مصرفياً Fair job.
تقلبت الأيام وجرى بيع البنك المصري الأمريكي، وانتقلت خدماته وعملائه لبنك كريدي أجريكول مصر منذ عدة سنوات، ومنذ ذلك الحين أخذت تعاملات البنك مع العملاء منحى مختلفاً عما تعودوا عليه مع البنك المصري الأمريكي، حيث صارت العمليات المصرفية أكثر بطئاً وتعقيداً، ولوحظ كثرة تغيير الموظفين؛ حيث هناك دائماً وجوهاً تختفي، وأخرى جديدة تظهر، وأسلوب تعامل مصرفي مشوش، يميل لإقناع العميل بعمليات بعينها دون غيرها.
استمر تعاملي مع البنك رغم هذه الملاحظات لا لشيء إلا أن تعاملاتي محدودة للغاية وعبر فترات زمنية طويلة لا تستلزم احتكاكاً بالبنك أو العاملين به؛ رغم الشعور بعدم الراحة في كل مرة؛ حتى جاءت الطامة الكبرى اليوم الأحد الثامن عشر من شهر سبتمبر 2011 م حيث احتجت للوديعة التي تركتها لديهم بهامش ربح يقترب من الصفر لسنوات طوال، ففوجئت بأسلوب تعامل ردني للبرنامج الإذاعي القديم الذي يتفجر فيه صوت الممثل بكلمات "فوت علينا بكره يا أستاذ" وكنت قبل لحظات في بنك حكومي (البنك الأهلي المصري) وأنهيت كافة الإجراءات برقم الحساب والبطاقة الشخصية (بطاقة الرقم القومي) فماذا كانت إجراءات (بنك القطاع الخاص)؟
ذهبت إلى قسم خدمة العملاء لشاب شكله لطيف، يغادر مكتبه بين لحظة وأخرى ليرد على مكالمات خاصة في هاتفه الجوال، وهناك عميل له معاملات كبيرة مع البنك يطلب منه بياناً بحركتها، أدخل الموظف عميل البنك هذا في دوامة حيص بيص، وكلما حاول الرجل المسكين أن يُعبر عن احتياجه يقترح عليه اقتراحاً غريباً، كأن يدفع عشرين جنيهاً للحصول على إفادة ما، وحين يتملص الرجل مستغرباً أن يدفع ثمن معلومة تخصه من بنك هو عميل له، يحيله الموظف إلى حل آخر ثمنه ستين جنيهاً، حتى يأس الرجل وغادر المصرف على أمل أن يصله بيان حسابه البنكي في نهاية الشهر وأمره لله.
جاء دوري وقد أصابني الاستفزاز من الأسلوب الذي عومل به عميل أكثر أهمية وتعاملات مع البنك مني، وكان طلبي تصفية حساباتي مع البنك، وهي وديعة متواضعة بالدولار الأمريكي، وشهادة إيداع متواضعة بالمبلغ المصري، فماذا حدث؟
قام الموظف بعرض تسويقي اقترح فيه على استبدال وديعتي بالعملة الأجنبية للجنيه المصري(لدى البنك وبسعر البنك، وليس سعر السوق) وعمل وديعة بالجنيه المصري والاقتراض بضمانها.
حين أصررت على تصفية حساباتي قال لي أن الوديعة بالعملة الأجنبية لن أتمكن من صرفها دفعة واحدة، بل على عدة أيام حسب تعليمات الحكومة، فوافقت، ثم سألني عن (أصل شهادة الإيداع) لحسابي بالجنيه المصري، فقلت له أني لا أتذكر عنها شيء، وأن أصول الوثائق كلها مدونة لديهم، فطلب مني إحضار أصل الشهادة، أو عمل محضر في قسم الشرطة بفقد الشهادة وإحضاره لهم!
تخيلوا.... بنك قطاع خاص يطلب محضر من قسم الشرطة لإكمال معاملة مالية لعميل.. هل يتخيل أحد ذلك؟
بدأ توتري يزيد وارتفع صوتي، فطلب مني الموظف الذي هو أصغر من أصغر أبنائي أن أخفض صوتي، وحين ذهبت بغضبي لمدير البنك الذي كان جالساً مع ضيوف له، خرج من مكتبه ليحدثني خارجه حتى لا يزعج ضيوفه بصوت عميل ثقيل... ولم يستطيع المدير المهذب صاحب القميص شاهق البياض والنظافة أن يضع حلاً أفضل مما قاله الموظف.
خرجت من المصرف غاضباً، وقراري أن انشر ما حدث على أوسع نطاق، فقد يراه مسئول من المسئولين عن هذه البنوك، فيتخذ إجراءً يعيد الأمور إلى نصابها، فقد تعاملت مع بنوك مصرية، وعربية، وأجنبية، ولم أجد مثل هذا الأسلوب البيروقراطي الذي واجهني في بنك كريدي أجريكول مصر... أسلوب يشبه تلك الأساليب التي يبتلى بها ويعاني منها من يتعامل مع المؤسسات الحكومية القديمة المتخلفة في دهاليز الأبنية القديمة المظلمة الرطبة، وموظفيها ذوي الياقات القذرة، والأكمام السوداء، والنظارات قعر الكوباية، بين أتلال الملفات الورقية الصفراء المدفونة في ملفات أكل عليها الزمن وشرب.
وهي رسالة لكل من يستهدف التعامل البنكي أن يحذر من هذه الدكاكين المصرفية، وأساليب تعاملها الفجة.
وهي رسالة وبلاغ للجهات المصرفية المسئولة أن تولي عنايتها هذه الدكاكين البنكية، وتضبط إجراءاتها، ومعاملاتها، فنحن لسنا بحاجة أن يتعلموا الحجامة في رؤوسنا، فلسنا من اليتامى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق