السبت، 4 أغسطس 2018


التقييـم الكمي
للمواد، والمواضيع غير الكمية
دراسة: أحمد إبراهيم أحمد

العلاقة بين الكم والكيف:
BRAINيعتقد البعض أن الكيف والكم نقيضان، ويوضع الكيف في وضع معاكس للكم حيث الكم هو القابل للقياس ؛ بينما الكيف مسألة هلامية غير قابلة للقياس الدقيق.
وتختلف الحقيقة عن وجهة النظر هذه، فالكيف ثمرة مباشرة للكم، ويمكن قياس الكيف بدراسة مراحل تطور الكم المختلفة من خلال معايير قياسية ومؤشرات تحدد لنا البنية الأساسية، والأداء.. اللذان يؤديان إلى ناتج محدد هو المعيار الكمي لقيمة الكيف.
وقد تبلورت هذه الأفكار في عالم الصناعة في ثلاثينات القرن العشرين فيما عرف بأسلوب (ضبط الجودة) - اعتماداً على مجموعة من الأفكار الفلسفية التي تكونت في القرن الثامن عشر عن بنية الأشياء ووظيفتها ونتائجها- لتحقيق رقابة صارمة مستمرة على المنتج الصناعي النهائي من خلال جميع نقاط ومراحل الإنتاج لفضح الخلل وتقويمه أولاً بأول، ومن ثم تولدت مفاهيم مثل القياس، والمقياس، والتقييس، والمواصفات لـ (ضبط الجودة) لتحقيق مستوى إنتاج يتميز بالإتقان والكمال بالالتزام بخطوات محددة هي :

·          ضبط جودة التصميم.
·          ضبط جودة المواد الأولية.
·          ضبط جودة المنتج.
·          دراسة عملية الإنتاج.
ومع تطور مؤسسات الخدمات (التعليم – الصحة – الفندقة.. الخ) تطورت النظرة إليها باعتبارها صناعات خدمية ينطبق عليها نظام ضبط الجودة (خاصة الفنادق) لتحقيق جودة نوعية في خدمات هذه المؤسسات، وتقييم مستوى الخدمة فيها بشكل تراتبي يحدد سعر هذه الخدمة مقارنة بمستواها وترتيبها في سلم هذه الصناعة (فنادق خمسة نجوم.. أربعة.. الخ) ومع نمو اتجاه الاستفادة من تقنيات وأساليب العلوم الطبيعية في مجالات العلوم الإنسانية انتقل أسلوب تقييم صناعات الخدمات إلى كافة المؤسسات الخدمية مثل الخدمة الصحية التي تعتبر من أصعب مجالات تطبيق نظام ضبط الجودة بسبب التنوع الكبير للغاية في البنى الأساسية لمؤسساتها، ونوعية الأداء والأنشطة، وتعقد النتائج، والاتساع الهائل للمساحة المطلوب دراستها وقياسها لتحليل النتائج، وقد نجح أسلوب القياس الكمي في اختراق كافة المؤسسات والأنشطة – تقريباً – ذات الصفة الكيفية لقياس عناصرها المختلفة معيارياً ؛ هذا ولا تحظى أساليب القياس الكمي بالرضا الكافي من المشتغلين في كافة المجالات للأسباب التالية :
·          غياب المعايير يجعل العمل أسهل بالنسبة للعاملين، والقائمين بالرقابة.
·          وجود المعايير يحد من حرية العاملين في استخدام أساليبهم (التي هي غالباً شخصية وغير معيارية).
·          عدم توفر المعلومات العلمية لدى القائمين بعملية القياس.
·          نقص التدريب، وعدم معرفة القائمين بالقياس بتقنيات القياس.
·          عدم وجود الحافز – خاصة المادي – للتطوير.
·          ضعف عملية التنظيم والإدارة.
·          عدم الاستغلال الجيد للإمكانيات المتاحة.
·          نقص الإمكانيات اللازمة لنجاح أسلوب ضبط الجودة (أجهزة حاسب.. برامج.. الخ).
·          نظام ضبط الجودة يُلزم العاملين بأساليب عمل صارمة.
إلا أن عملية القياس الكمي تتضمن مزايا واضحة لا يمكن إغفالها لعل أهمها :
·          تحديد المشاكل الثقافية والفكرية، ومصادرها.
·          تحديد المشاكل التقنية، وأسبابها.
·          تحديد المشكلات السابقة يؤمن لصاحب العمل أداة علمية وعملية دقيقة لتعديل وتطوير إمكانياته.
·          WRITERتطوير المنتج الفكري والإبداعي في إطار علمي وثقافي صحيح يحقق تراكماً نوعياً
·          تأمين مصدر معلومات موثوق عن المنتج الثقافي.
·          تأمين أداة قياس فعالة تسهل للفاحص عمله، وتؤمن صحة أداءه لمهمته، وعدالة التقييم.
·          التقليل من احتمالات الاختلاف في تفسير العمل بين القائمين على الفحص، ومن ثم وحدة التقييم.
·          تحقيق تراكم معلوماتي عن الإنتاج الثقافي يفيد في الدراسات العلمية.
وحتى يصبح القياس الكمي للأعمال الإبداعية والفكرية موضوعياً وصحيحاً يجب أن يتضمن العناصر الأساسية التالية :
·          تقييم البنية الأساسية STRUCTURE:
وهي الهيكل أو التراكيب الخاص بالعمل الفكري أو الإبداعي بما في ذلك المكونات الشكلية ؛ حتى يستطيع الفاحص تحديد ما هو أساسي، وغير أساسي، ومطابقة هذه البنية مع الجنس الأدبي، أو الفكري الخاص بالعمل موضوع الفحص.
·          تقييم الأداء FUNCTION -PERFORMANCE:
ويعبر عن الخطوات التي يقوم بها منتج العمل الإبداعي، أو الفكري للاستفادة من البنية الأساسية التي اختارها لإنتاج الناتج الفكري، أو الإبداعي الذي استهدف إنتاجه.
·          تقييم الناتج OUTCOME:
تعتبر مسألة تقييم الناتج مسألة هامة ودقيقة ؛ إذ يمثل ناتج العمل الفكري أو الإبداعي والتي تنتج عن التعامل مع هذا المنتج (الاكتشاف، أو التنوير، أو التعليم، أو المتعة، أو الإضافة ؛ كلها أو بعضها) ويستلزم ذلك من الفاحص معرفة فكرية وتقنية رفيعة بالعلاقة بين العناصر الثلاثة (البنية، والأداء، والناتج) مع ملاحظة أن رؤية الفاحص الذاتية للناتج جزء هام وحيوي في تقييمه لا يمكن تجاهله أو إغفاله ؛ مما يستلزم تعدد وجهات النظر لتحقيق قدر أكبر من الموضوعية في الحكم على هذه النوعية من الأعمال.
·          التقييم الكمي للكتب:
تُخضِع المؤسسات الثقافية المعنية بالكتب - على مختلف أنواعها – هذه الكتب للتقييم سواء للنشر، أو لمنح جوائز، أو مِنَح، أو غير ذلك من الأسباب، وللأسف لم تتاح لي – حتى الآن – فرصة التعرف على تجربة جهة ما تستخدم أدوات قياسية للحكم على الإنتاج الفكري والإبداعي، ففي حدود علمي تخضع عملية التقييم للخبرة الفردية لكل فاحص (بما في ذلك قيمته العلمية والمهنية) ومع كامل الاحترام والتوقير لكل من يبذل جهداً فكرياً لتقييم وفحص الإنتاج الإبداعي والفكري بدءاً برسائل الدكتوراه وانتهاء بتقييم البحوث المدرسية ومواضيع التعبير لصغار التلاميذ يبدو لي أن عملية التقييم تتم بشكل اجتهادي غير قياسي نتيجة اختلاف أساليب الفحص والتقييم، وأدوات الفحص المستخدمة (هذا بافتراض حد أدنى من الوحدة الفكرية والعلمية بين الفاحصين) يفترض نتيجة لذلك إقرار أسلوب فحص يحقق حداً أدنى من موضوعية الحكم على الإنتاج الفكري، والإبداعي في إطار علمي يقيس جودة الأعمال النوعية، وعادة ما تستخدم أساليب أفقية ورأسية لقياس جودة العمل على النحو التالي :
·         الأساليب الأفقية :
وتتم بتحديد معايير قياسية، ومؤشرات لمكونات العمل الفكري أو الإبداعي، ووظيفته، والناتج المتوقع منه توضع في قوائم مراجعة تصمم بأشكال متنوعة يصلح كل شكل منها لجنس أدبي، أو فكري محدد بحيث تستخدم هذه القوائم لقياس العمل الفكري أو الإبداعي.
·         الأساليب الرأسية :
وتعتمد على الدراسات العلمية المنهجية – التحليلية منها بالذات – للحصول على معلومات دقيقة عن العمل، وهذه الأساليب ذات مصداقية عالية، وبنية نقدية قوية إذا ما أجريت بمنهجية علمية تحقق الشرط اعلمي الصارم، وغير المنحاز.
ويصعب إجراء الفحص بالأساليب الرأسية لما تحتاجه تلك الأساليب من وقت، وإمكانيات، وتأهيل علمي وتقني للفاحصين – لا يمكن توفره بالشكل الصارم في كل الأوقات – لذلك تصبح الطريقة الأفقية الأقرب عملياً لفحص الأعمال الفكرية والإبداعية للأسباب التالية :
·         أسباب تقنية :
يساهم وجود قواعد واضحة للقياس من خلال معايير قياسية محددة في تسهيل عملية التقييم، وحياديتها، وعلميتها إضافة بترسيخ المفاهيم العلمية، والتقنية الدقيقة للكتابة في الجنس الأدبي، أو الفكري الذي تتم الكتابة فيه.
·         أسباب ثقافية :
تمثل عملية تقييم الأعمال الفكرية والإبداعية قضية ثقافية بما تحمله من أبعاد إنثروبولوجية متعددة تستلزم درجة عالية من الشفافية في الحكم على المنتج قيد الفحص بحيث يضمن كلاً من المبدع والمجتمع أن ما يقدم من فكر وإبداع ليس عملاً ضد الثقافة الحقيقية المستهدف إنتاجها، وليس دون المستوى، أو أنه لا يلائم القيم الثقافية المطلوب ترويجها لصالح المجتمع، وانه لا يتضمن قيماً ضارة بتطور المجتمع، وفي ذات الوقت تضمن أن ما ينفقه المجتمع على إنتاج هذه الأعمال يُصرف في وجه الإنفاق الصحيح لإنتاج ثقافة أفضل.
·         أسباب عملية :
يساهم التقييم الكمي في توفير معلومات صلبة أكثر دقة عن المنتج الثقافي مما يسهل تحليل هذه البيانات، ويدعم التخطيط الدقيق في ترتيب أولويات الإنتاج الثقافي، ومساعدة متخذي القرار على اتخاذ القرارات الصائبة في الأوقات المناسبة.
·         أسباب ذاتية :
يتباين فكر المبدعين والمفكرين نتيجة العوامل الثقافية المختلفة المؤثرة في تكوينهم الثقافي والمعرفي ؛ مما يستلزم وجود قواعد تحدد المعايير والمؤشرات التي تقيس العمل الفكري والإبداعي بشكل علمي وغير منحاز مع أو ضد، وتحدد قيمة هذا المنتج في إطار الاحتياجات الثقافية الحقيقية للمجتمع بشكل يساعد في اتخاذ قرارات مناسبة لإنتاج هذه الأعمال من عدمه باعتبارها ثقافة داعمة، أو مغايرة تؤدي لكبح جماح الأهداف الثقافية للمجتمع، والمؤسسة الثقافية المنتجة للثقافة.
ويقدم النموذج التالي محاولة لصياغة نموذج لتقييم الكتب كمياً في إطار القواعد السابق الإشارة إليها، وينقسم إلى جزأين عام، وخاص لتقييم نص مسرحي ؛ مع مراعاة الملاحظات العامة التالية على النموذج :

 

ملاحظات عامة


       1.       يتم بهذا النموذج تقييم العناصر البنائية التي تكون الكتاب كمطبوعة ثقافية.
       2.       يمكن تطبيق الصفحات الأربعة الأول على كافة أنواع المؤلفات.
       3.       تختلف الصفحة الخامسة عما سبقها حيث أنها صفحة موضوعية متخصصة تختلف طبقاً لبيانات البند خامساً في الصفحة الثانية، والذي يحدد نوع المطبوعة بناء على تصنيف المؤلف لها، ويتم تعديل نوع المطبوعة وجنسها في حال اتفاق غالبية أعضاء لجنة الفحص على تغيير البيانات الخاصة بتصنيف الكاتب لمؤلَفه.
       4.       يتم تحويل الوحدة البنائية لقيمة رقمية تعكس القيمة الموضوعية للعنصر لذلك تراوحت في بعض العناصر بين 2-10، وفي عناصر أخرى من 1 – 5.
       5.       تعكس القيم الرقمية تقييم الفاحص للوحدة البنائية على النحو التالي :
                      1.       التقدير
ممتاز

ج.ج

جيد

مقبول

ض
                      2.       بالدرجة
10

8

6

4

2
                      3.       بالنسبة المئوية
>81%

80%

60%

40%

20%
WRITER1
والهدف من ذلك وضع معدلات معيارية تساعد الفاحص على التقييم الموضوعي لمختلف عناصر العمل المطلوب تقييمه بأكبر قدر ممكن من الحياد.
       4.       يعادل تقييم المطبوعة 300 درجة تمثل 100% من التقييم الإجمالي.
       5.       تقدر عناصر الفحص بـ 225 درجة تعادل 75% لتحويل عملية الفحص إلى عملية معيارية موضوعية.
       6.       منح الفاحص 75 درجة تمثل 25% من إجمالي الدرجات للتعبير عن انطباعه متحرراً من عناصر الفحص وحتى يكون للذائقة الجمالية الخاصة تأثير في عملية التقييم دون الإخلال بها.



المَرَاجِــــع

1.    المنظمة العربية للمواصفات والمقاييس – الأمانة العامة – 1981 م – دليل ضبط الجودة في الصناعة – عمان المملكة الأردنية الهاشمية.
2.     International organization for standards-ISO 9000 first edition 1987-03-15 – Quality management and quality assurance standards- guide lines for selection and use.
3.     International organization for standards-ISO 9000 first edition 1987-03-15 – Quality management and quality system element guide lines.
4.    د. نها عادل اخضير – 1994 م – مفهوم الجودة في الخدمات الصحية – وزارة الصحة الأردنية بالتعاون مع وكالة الولايات المتحدة للإنماء الدولي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق