الأربعاء، 12 يناير 2011


ميخائيل باختين Bakhtin, Mikhail

أسس باختين كفيلسوف ومنظر أدبي المدرسة النقدية الحوارية، وهذه المدرسة معنية بدراسة مثلث العلاقة بين المؤلف، وعمله، والمتلقي؛ كذلك علاقة هذا المثلث بالقوى الاجتماعية والتاريخية المحيطة التي تترك آثارها عليهم.
وقد ولد ميخائيل باختين في منطقة الأورال الروسية عام 1895م، وتوفي عام 1975م، وكان قد أكمل دراسته الجامعية في جامعة بترو جراد Petrograd التي أصبحت بعد الثورة البلشفية لينين جراد  Leningradثم بعد البيروستروكيا وتفكك الاتحاد السوفيتي إلى سان بطرسبرج Saint Petersburg.
غادر باختين بتروجراد عام 1918م، وبدأ مشروعه التنظيري بكتابات نقدية تناول فيها القواعد الجمالية، والقيم مختلفاً مع الشكلانين الروس Russian Formalists ووجهة نظرهم التي ترى النص الأدبي منتجاً له صفات وظيفية نفعية كونه مجرد محصلة أدوات تقنية في الكتابة.
استمرت هذه الكتابات حتى عام 1924م وتناول فيها باختين النص الأدبي بأدوات سيميائية semantic (تعنى بدراسة معاني الوحدات اللغوية) وتحددت وجهة نظره في أن قيمة العمل لا يحددها أسلوب إنجازه، ولكن يحددها معنى هذا العمل، وركز باختين على أهمية تأثير السياقين التاريخي والاجتماعي في النص الأدبي.
عاد باختين عام 1924م مرة أخرى إلى بتروجراد التي أصبحت لينينجراد وواصل الكتابة في عدة موضوعات من أهمها دراسته المهمة "رؤية نقدية للفرويدية Freudianism: A Critical Sketch" حيث انتقد بشدة النمساوي سيجموند فرويد مؤسس علم التحليل النفسي ونظريته التي لا ترى في الإنسان أكثر من وسيط يتم من خلاله حل العقد التي تنشأ من وجوده في البيئة، واعتبر باختين هذه الرؤية تبسيطاً مخلاً لمشاكل أكثر تعقيداً.
عاد باختين في عام 1928م لمهاجمة الشكلانيين الروس في كتابه "الأسلوب الشكلاني Formal Method" معيباً عليهم ضعف حساسيتهم تجاه التاريخ.
أصدر باختين عام 1929م كتابه الهام " مشاكل شعرية دوستايفسكي Problems of Dostoyevsky' Poetics" حلل فيه الأعمال الروائية للكاتب الروسي الأشهر فيودور ميخايلوفيتش دوستايفسكي  Fyodor Mikhaylovich Dostoyevsky باعتبارها نصاً بوليفونياً polyphonic يتكون من أصوات عدة متساوية الاتزان في النص الواحد، وأن النص الأدبي الروائي ليس نتاجاً لوجهة نظر مؤلف يمتلك المعرفة الكلية، وليست وجهة نظر أحادية بأي حال من الأحوال.
كتب باختين بعد ذلك عدة دراسات تناول فيها نظرية الرواية، وتاريخ الرواية، ولم ينشر شيء من هذه الدراسات حتى عام 1963م بعدما صدرت الطبعة الثانية من كتابه سالف الذكر عن أعمال دوستايفسكي التي كانت فاتحة خير عليه، وشكلت بداية جديدة لباختين حيث انتشرت هذه الطبعة، وعرفت به المهتمين بالتنظير الأدبي، ومنحته التقدير كباحث ومنظر هام في هذا المجال.
نشر باختين مقالين هامين يعبران بوضوح عن نظريته في الرواية الأول هو " مقال في الرواية  Discourse in the Novel"  نشره خلال الفترة ما بين 1934-1935م، والثاني "أشكال الزمن وامتداداته في الرواية Forms of Time and of the Chronotope in the Novel " وكتبه في الفترة ما بين 1937-1938م، وترجمت هاتان المقالتان للإنجليزية تحت عنوان "الخيال الحواري The Dialogic Imagination " ليصبحا جزءاً لا يتجزأ من تاريخ التنظير العلمي النقدي في الأدب وأوضح في هاتين المقالتين أن الرواية هي الشكل الأدبي المعبر عن مستوى متقدم من الوعي الناضج لثقافة ما بذاتها  advanced level of cultural self-consciousness وهو قادر في نفس الوقت على التأثير في صياغة هذه الثقافة وتشكلها، ثم كتب بين عامي 1952-1953م كتاباً آخر من الأهمية بمكان هو "أجناس الخطاب Speech Genres " توج به نظريته عن الحوار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق