الأربعاء، 12 يناير 2011




دفاع الطبيعة Nature defense

مسرحية من الخيال العلمي للفتيان والفتيات

تأليف: أحمد إبراهيم أحمد

 الزمان:
هو النصف الثاني من القرن الثاني والعشرين..
المكان:
صالة التحكم في العمليات الفضائية في هيئة بحوث البيئة الفضائية ASER - ECOLOGY RESEARCH & AEROSPACE الصالة جزء من المشهد العام.. يجب أن يوحي للحضور- علي الأقل في هذا المشهد - بأنهم جزء من العرض.
المسرح مقسم ثلاث مستويات مستوي خلفية المسرح تجري عليه حيل الضوء والمؤثرات البصرية الخاصة بعمليات الإطلاق، والمشاهد الفضائية، ووسط المسرح يضم شاشات متابعة عملية الإطلاق، ومقدمة المسرح تضم الإجراءات الاحتفالية التي تقيمها هيئة بحوث البيئة الفضائية ASER - ECOLOGY RESEARCH & AEROSPACE الأحداث تخص احتفال الهيئة بإرسال ثلاثة من علماءها إلي المحطة المدارية في (المهمة أرض 2) أو mission globe ii..يعتمد الديكور علي تركيبات ميكانيكية تتميز بالمرونة والديناميكية حيث يمكن أن تضم الخلفية شاشة سينما أو شاشة تليفزيون عملاقة تعرض عليها المشاهد المتعلقة بانتقال العلماء من الأرض للمحطة المدارية، وبعض الحيل البصرية التي توحي بحركة المكوك الفضائي في الفضاء، وحركة رواد الفضاء في حالة انعدام الوزن - بينما يوجد في وسط المسرح قاعدة مستديرة (أرينا Arena) تدور فيتغير جزء من المشهد خاصة الأحداث التي تدور في المعامل الفضائية في المحطة المدارية مع ملاحظة أن تترك قطع الديكور المركبة عليها مساحة مناسبة من المنظور للخلفية التي تضم شاشة العرض - بينما تضاف قطع من الديكور والمكملات (إكسسوارات) في المقدمة سهلة الحركة بحيث يمكن إدماجها في المشهد أو نقلها خارج المسرح بخفة.

المشهد الأول

المسرح بلا ستارة حيث تجري إجراءات احتفال الإطلاق.. بالقرب من الأفانسين في مقدمة يسار المسرح منصة بسيطة يتحدث منها المسئول عن عملية الإطلاق.. في وسط يمين ويسار المسرح توضع بشكل مائل شاشات المتابعة، وفي الخلفية صور سينمائية لعملية الاستعداد، ومن ثم الإطلاق كما توجد بعض الشعارات تضم شعار الهيئة، واسم العملية بعدة لغات الرواد الثلاثة ماهر، وآدم، وعلي يجلسون في مقدمة يمين المسرح في الصالة مصورين وصحفيين ومندوبي محطات تليفزيون وكاميرات.. الوضع يوحي بأن حدث ضخم سوف يحدث.
المسئول:    سيداتي.. آنساتي.. سادتي.. نلتقي اليوم لنحتفل بواحد من أكثر أحداث قرننا الثاني والعشرين أهمية.. اليوم ونحن نطرق بقوة أبواب القرن الثالث والعشرين.. اليوم وقد ضاقت بنا الأرض أصبح من الضروري أن يضع الجنس البشري أقدامه في عوالم أخري أكثر رحابة وسعة.. علينا اليوم أن نبذل جهداً خارقاً لنؤمن للجنس البشري مساحة أكبر من التواجد في عوالم جديدة آمنة، ومهمتنا اليوم معنية بتوفير الأمن في مواقع الحياة الجديدة سواء كانت في المحطات المدارية أو في كواكب أخري..
صحفي 1: وما هي طبيعة مهمتكم اليوم يا سيدي؟
المسئول: اليوم نطلق ثلاثة من أفضل علماء هيئة بحوث البيئة الفضائية إلي المحطة المدارية (أرض 2) أو globe ii لإجراء سلسلة من أخطر وأهم التجارب المتعلقة بوجود الإنسان في عوالم كونية أخري غير الأرض.
صحفي 2: وما نوع التجارب في مهمتكم هذه سيدي الرئيس؟
المسئول:    إنها تجارب تجري علي الحشرات، وتأثير العوامل والمتغيرات البيئية في الفضاء عليها.
صحفي 3:   وما أهمية الحشرات في الفضاء.. ألا يشكل ذلك إهدارا لأموال دافعي الضرائب؟
المسئول:    بالتأكيد ليس إهدارا لأموال دافعي الضرائب، فكما تعلمون سيداتي وسادتي أن رحلات الإنسان الاستكشافية الأولي علي الأرض نقلت معها من العالم القديم للعالم الجديد، ومن العالم الجديد للعالم القديم أنواعا لم تكن معروفة من الحشرات عبر السفن ووسائل النقل التي وضعت أقدام بني البشر فوق كل بقعة من كوكبنا الأزرق المسمي بكوكب الأرض.
صحفية 1    هل يعني هذا أن هناك احتمالا لتسرب بعض الحشرات للفضاء؟
المسئول:    بالضبط يا سيدتي.. علمياً كل شئ وارد ومحتمل.
صحفي 3:   وما هي بالتحديد الأبحاث التي ستقومون بها في هذه الرحلة، وعلي أي نوع من الحشرات؟
المسئول:    سوف أجيب علي سؤالك الثاني أولا.. الحشرات التي سوف نجري تجاربنا عليها هي النمل.
صحفي 1:   ولماذا النمل بالذات؟
المسئول:    صبرا، فأنا لم أكمل إجابتي بعد.. لقد اخترنا النمل لأنه من الحشرات محدودة الأضرار إضافة إلى أنه يعيش في جماعات منتظمة ذات سلوك اجتماعي محسوب.. هذا من ناحية سبب اختيارنا للنمل.. أما بخصوص الأبحاث المفترض القيام بها في هذه الرحلة فهي أبحاث ثلاثة يقوم كل باحث من باحثينا بالعمل فيها حيث أن كل واحد منهم متخصص في مجال محدد.
صحفي 2:   هل يمكن أن نتعرف علي الباحثين ومجال البحث لكل واحد منهم؟
المسئول:    بكل سرور.. الباحث الأول ماهر (يقف الباحث ويحي الجمهور) باحث في علوم الهندسة الوراثية، وهو المسئول عن إجراء التجارب علي تأثير الفضاء علي التغيرات الوراثية في النمل.. الباحث الثاني آدم (يقف الباحث ويحي الجمهور) باحث في تقنيات الإشعاع، وهو المسئول عن دراسة تأثيرات الإشعاعات الكونية المختلفة علي النمل.. الباحث الثالث علي (يقف الباحث ويحي الجمهور) باحث في علوم البيئة، وهو مسئول عن دراسة تأثيرات المواد الطبيعية علي النمل في الفضاء.
الصحفية:        نريد أن نتحدث إلى الباحثين الثلاثة..
صحفي 3:       أو فليتحدثوا هم إلينا..
المسئول:        بالطبع.. (يشير للباحثين) تفضلوا أيها السادة.. تفضلوا..
الصحفية:        هل تعتقد يا سيد ماهر أن أبحاثك علي النمل ذات قيمة؟
ماهر:             (يرد علي الصحفية في استعلاء وغرور) سؤالك خاطئ من أساسه     يا سيدتي.. الأبحاث العلمية والباحثين هم من صنع تاريخ البشرية.. باحثين مثلي هم من اخترع لك القلم الذي تكتبين به.. الورق الذي تكتبين عليه وتقرئين منه.. الأجهزة التي جعلت حياتك سهلة مرفهة.. حتى ملابسك الجميلة هذه يا سيدتي.. الفضل في كسوتك بها للعلماء.. (ضحك) البحث العلمي يا سيدتي قيمة في حد ذاته.. هدف أسمى يجب ألا يحده حد.. يجب أن يكون هدف البشرية الدائم هو العلم.. العلم من أجل العلم.
الصحفية:    أنت تبالغ يا سيد ماهر، فالعلم وسيلة وهدف في نفس الوقت..
ماهر:             هراء.. العلم هدف في حد ذاته، بل هو الهدف الأسمى..
المسئول:    (متدخلا لتهدئة الجو الذي يبدو مكهربا) تفضل يا آدم.. تفضل
آدم:          أفضل أن يتحدث الزميل علي قبلا مني..
الصحفية:    وهل هناك مبرر لذلك؟
آدم:          بدون مبرر.. فقط أود أن استمع للزميل علي قبل أن أتحدث..
المسئول:    لا بأس.. لا بأس.. تفضل يا سيد علي.. تفضل..
الصحفية:    نود أن تلقي لنا مزيدا من الضوء علي مشروعكم هذا..
علي:         بكل سرور، وإن كنت أعتقد أن السيد المسئول قد تحدث عن المشروع بشكل عام بما فيه الكفاية، وبطريقة أوضحت أهدافه، وعلي العموم أنا تحت أمركم، وسوف أحاول أن أتحدث عن مهمتي بما يوضح الصورة، فعملي يا سيدتي هو ما أجيده، وما أستطيع الحديث عنه.
الصحفية:    لا بأس يا سيد علي حدثنا عن دورك في هذه المهمة..
علي:         دوري بسيط للغاية، ولعل أهميته تكمن في بساطته..
صحفي 3:   مزيد من التوضيح من فضلك.. ما هي مهمتك بالتحديد؟
علي:         مهمتي إجراء تجارب محدودة عن تأثير المواد الطبيعية.. أي المواد المستخرجة من الطبيعة، وغير مخلقة أو مصنعة علي النمل، وإلي أي مدي يمكن أن نستخدم البيئة في السيطرة علي البيئة دون أن نخل بالتوازن البيئي أو نحدث أضرارا في عالمنا الذي نعيش فيه.
صحفي 1:   وما هي المواد التي تستخدمها في تجاربك؟
علي:         كما لا يخفي عليكم هناك مواد تفرزها بعض النباتات تجعل الحشرات تفر من هذه النباتات ولا تقترب منها.. بل أن بعضها تعيش وتقتات علي الحشرات.. مهمتي تتلخص في دراسة تأثير بعض هذه المواد والنباتات علي النمل واستخلاص المواد الفعالة للسيطرة علي النمل في الفضاء من هذه النباتات إن أمكن..
صحفي 2:   تعني استخدام المواد الطبيعية، وليس استخدام الكيماويات؟
علي:         بالضبط يا سيدي..
المسئول:    اعتقد حان الوقت ليحدثنا السيد آدم عن دوره في هذه الرحلة..
آدم:          بكل سرور.. أعتقد أن الصورة قد أصبحت واضحة الآن إلي حد بعيد.
الصحفية:    إلي حد ما، وليس إلي حد بعيد.. ما نريده الآن هو أن تكمل لنا الصورة حتى نستطيع أن نكون وجهة نظر واضحة تفيد دافعي الضرائب حتى يعرفوا إلي أين تذهب أموالهم؟
آدم:          سيدتي.. أنا لا علاقة لي بدافعي الضرائب ولا غيرهم.. أنا رجل علم وصناعة من أصول قدمت للعصر الحديث الثورة الصناعية، وصنعت تاريخ الصناعة بالكامل..
صحفي 2:   أعتقد أن البشرية كلها ساهمت في ذلك..
آدم:              وجهة نظر..
الصحفية:    صحيحة تماما.. ولا تنس أنكم قدمت للبشرية حربين عالميتين أيضا.
المسئول:    دعونا من هذا.. فلتتحدث عن دورك في المهمة يا سيد آدم، فالوقت يداهمنا..
آدم:          كما رأيتم، فإن زميلاي أحدهما مفتون بالعلم، والآخر بالطبيعة.. أنا أقف في الوسط بينهما.. أنا رجل التقنية.. أنا خبير في تكنولوجيا الإشعاع.
الصحفية:    في هذه المهمة.. ماذا تفعل بالتحديد؟
آدم:          أنا مسئول عن القياسات الإشعاعية علي المحطة الفضائية، وإدارة مؤثرات إشعاعية مختلفة، وتعريض النمل لهذه المؤثرات ومعرفة آثارها علي هذه الكائنات الضئيلة المسماة النمل.
الصحفية:    هل تعني أن تجارب نووية سوف تجري في الفضاء؟
صحفي 1:   هذا محرم.. محرم من زمن بعيد..
صحفي 2:   هل تعيدنا عمليتكم هذه لعصور الرعب النووي الغابرة؟
المسئول:    (متدخلا بقوة) بالتأكيد لا.. هذا غير صحيح.. لا مكان في عمليتنا هذه لتجارب نووية، ولا صلة لها من قريب أو بعيد بمثل هذه الأشياء.. لقد انتهت هذه العمليات، ومضي زمنها.. انتهي هذا العصر من زمن بعيد.. السيد آدم أساء التعبير فقط.. وأنتم فسرتم كلامه علي محمل آخر.. بالتأكيد ليست هناك أية تجارب نووية.
آدم:          ما هذا الإرهاب يا سيدتي؟.. أنتم بهذا الشكل تمارسون حجرا علي العلم والعلماء..
                    (هرج ومرج في الصالة يقطعه صوت المسئول)
المسئول:    هدوء.. هدوء من فضلكم.. هدوء أيها السادة، والسيدات.. هدوء حتى أتمكن من توضيح الحقيقة..
صحفي 3:   وهل هناك حقيقة أخري غير ما قالها رجلكم؟
المسئول:    لا تتعجلوا من فضلكم.. ما سمعتموه جزء من الحقيقة ليس إلا.. لم
الصحفية:    (تقاطعه بانفعال) إن برنامجكم مشبوه، وقد فضحه رجلكم.. أما زالت عندكم جرأة لمزيد من الأكاذيب؟
المسئول:    (يرد بعنف) كفي يا سيدتي عن أعمال الإثارة.. الحقيقة الناقصة من أسوأ أنواع الكذب.. وانتم مصرون علي سماع الحقيقة الناقصة..أعطوني الفرصة لأشرح لكم الحقيقة كاملة..(يسود هدوء تام)
المسئول:    (يتحدث بسيطرة) مهمة السيد آدم أن يقوم بقياس الأشعة الكونية سواء كانت جسيمات أو إشعاعات كهر ومغناطيسية من أي نوع، ويوجد في المحطة الفضائية مفاعل نووي تجريبي.. نوع صغير مشابه لكل المفاعلات التي تنتج الكهرباء أو المواد المشعة المستخدمة في الطب، وهو موجود في المحطة منذ سنوات، ومصرح به من الهيئة الدولية للطاقة الإشعاعية، ومن مهام السيد آدم استخدام هذا المفاعل لإنتاج أشعة كهرو مغناطيسية أو جسيمات مشعة مشابهة لتلك الموجودة بشكل طبيعي في الفضاء.. مهمته إنتاجها بشكل معملي.. شكل تجريبي.. اختباري، ودراسة تأثيرها علي النمل.. هذا هو الموضوع بكل بساطة ووضوح ودون تزويق.
الصحفية:    هناك رائحة كريهة في برنامجكم هذا..
ماهر:         ابحثي عن هذه الرائحة حولك يا سيدتي.. برنامجنا برنامج نظيف..
صحفي 1:   كفي تطاولا.. فعلا هناك شئ غير واضح..
صحفي 2:   فعلا.. هناك شئ غير مريح..
آدم:          عفوا.. أعتقد أنكم تبالغون بعض الشيء في تقديركم للأمور..
ماهر:         بل انتم تتدخلون فيما لا يعنيكم..
(ضجيج واعتراضات في الصالة)
المسئول:    أرجوكم الهدوء.. ما أود قوله هو أننا لم نتجاوز الحقيقة والصدق فيما قلناه.. نحن بكل الأمانة لم نخف شيئا، ولو كان هناك شئ بحاجة للإخفاء لما تحدثنا معكم بهذه الطريقة الصريحة، وما وضعنا أنفسنا أمامكم بهذا الوضوح، وبتلك البساطة.
الصحفية:    مازلت أقول أن هناك رائحة كريهة في برنامجكم هذا..
ماهر:         ومازلت أقول لك يا سيدتي.. ابحثي عن هذه الرائحة فيما حولك..
المسئول:    كفي يا ماهر.. وأنتم.. أرجوكم كفوا عن هذه البلبلة فلدينا عمل كثير يجب إنجازه.. أمامنا جهد كبير حتى تتم إجراءات الإطلاق.. شكرا لكم، ولننتقل الآن لإجراءات الإطلاق..

 المشهد الثاني

إظلام تدريجي وتتحرك أجزاء الديكور وشاشة السكوندو لنشاهد خلفها قاعة الإطلاق تتصدرها شاشة عملاقة وحولها خرائط ضخمة مضيئة وفريق المراقبة الأرضية الذي يشرف علي الإطلاق يمارس المهام المألوفة في مثل هذه الحالة.. بعد خروج العلماء الثلاثة علي وآدم وماهر من خشبة المسرح تبدأ صورتهم وهم ينتقلون لمكوك الفضاء ثم بعد دخولهم للمكوك تبدأ سلسلة من اللقطات لكل منهم داخل المكوك، ويرتفع صوت العد التنازلي وتنشط حركة الفريق الأرضي وتتصاعد لتنفيذ العملية الفضائية العالم الثاني أو MISSION GLOBE II الأصوات لفريق المتابعة الأرضية

رئيس الفريق: عملية التحضير اكتملت؟
صوت 1:        تم..
رئيس الفريق: خطوات الإطلاق حسب الجدول الزمني اكتملت؟
صوت 2:        تم..
رئيس الفريق: العد التنازلي؟
صوت 3:        مستمر في المسار الصحيح.
رئيس الفريق: إجراءات انتقال فريق العمل لمكوك الفضاء؟
صوت 1:        تمت حسب الأصول..
رئيس الفريق: إجراءات الأمن والسلامة؟
صوت 1:        خزانات الوقود الصلب تمام..
صوت 2:        خزانات الوقود السائل تمام..
صوت 3:        خزانات الوقود الغازي تمام..
صوت 4:        وصلات وتمديدات الوقود الصلب تمام..
صوت 4:        وصلات وتمديدات الوقود السائل تمام..
صوت 5:        وصلات وتمديدات الوقود الغازي تمام..
صوت 6:        الدرع الواقي للمكوك من الاحتكاك.. تمام..
صوت 1:        السطح الخارجي للمكوك.. تمام..
صوت 2:        الأسطح الداخلية للمكوك والتمديدات الكهربائية.. تمام..
صوت 3:        الأجهزة الإلكترونية وأجهزة الاتصال..تمام..
صوت 4:        الوقاية والأمن الإشعاعي.. تمام..
صوت 5:        كاميرات التصوير الإلكتروني.. تمام..
صوت 6:        المؤشرات الحيوية للرائد ماهر.. تمام..
                   المؤشرات الحيوية للرائد آدم.. تمام..
                   المؤشرات الحيوية للرائد علي.. تمام..
رئيس الفريق: إجراءات الإطلاق؟
صوت 1:        منطقة الصفر.. تمام..
صوت 2:        إجراءات الصفر.. تمام..
صوت 2:                 العد التنازلي في المرحلة الأخيرة..
صوت إلكتروني: 10 - 9 - 8 - 7 - 6 - 5 - 4 - 3 - 2 - 1 IGNITION
تظهر علي الشاشة صورة إطلاق المكوك الفضائي بنجاح وهو ينطلق في الفضاء مع تصفيق من العاملين بمركز الإطلاق يليها سلسلة من اللقطات للرواد الثلاثة يتعرضون للضغط الهائل الناتج عن عملية الإطلاق ثم يدخلون في مرحلة انعدام الوزن حيث يحدث تلاشي تدريجي FAD OUT للصورة حتى إظلام تام BLACK OUT للمسرح تمهيدا للمشهد التالي.

المشهد الثالث

مشهد من المسرح الأسود


العلماء الثلاثة يرتدون ملابس الفضاء ويسبحون في المكوك في مرحلة انعدام الوزن مع موسيقي هادئة مصاحبة للفقرة التي تستمر أقل من ثلاث دقائق وتستخدم في ملابس رواد الفضاء علامات فسفورية تنيرها الأشعة فوق البنفسجية ULTRA VIOLET.. خلفية المسرح تبدو كما لو كانت نافذة المكوك تعرض لنا حركته في الفضاء الهائل الأسود وأنوار النجوم والكواكب تضئ كمصابيح صغيرة متحركة، وكل فترة زمنية مختلفة يشق الخلفية ضوء شهاب حتى يتأكد الإيحاء بحركة المكوك في الفضاء.. هذا المشهد يستلزم تقنية عالية للغاية حتى يكون مقنعا ومبهرا وهو استعراض لتقنيات المسرح المتقدمة في ذات الوقت.

المشهد الرابع

داخل المحطة الفضائية.. العلماء الثلاثة يجلسون في منطقة الاستراحة

علي:         حمد الله علي السلامة..
ماهر:         أف.. دعك من المجاملات السخيفة..
آدم:          رفقا بصديقنا يا ماهر..
علي:         أنا لم أخطئ في حقك.. فقط أردت أن أعبر عن سروري وحمدي لله بسلامة وصولنا..
ماهر:         هكذا أنت ومن تنتمي لهم.. فقط تجيدون الحديث..
علي:         ألن تكف عن كراهيتك هذه؟
ماهر:         أف.. أية كراهية.. ابتعد عني، وأذهب إلي أي مكان بعيد.
علي:         اسمع يا ماهر.. نحن زملاء عمل ورفاق رحلة، وقبل ذلك أبناء عمومة
ماهر:         هذا ما تزعمه أنت وأهلك أما أنا فأنكر هذه القرابة.. من تكونون، وكيف تصلون إلي مستوانا.. أنتم الأدنى، ونحن الأرقى..
علي:         ما تقوله هو العنصرية بعينها..
ماهر:         إذا كانت الحقيقة عنصرية، فما هو ذنبي..؟
آدم:          إيه.. رفقا.. رفقا يا ماهر..
ماهر:         ألا تري.. إنه لا يكف عن التمحك.. أبعده عني أرجوك..
علي:         ليس برغبتك، ولا برغبتي.. نحن مقيدان في قيد واحد.. زميلان في مهمة واحدة مكونة من ثلاثة أعضاء في علبة من الحديد معلقة بين السماء والسماء.. حاول أن تفهم..
ماهر:         يا أخي أنا لا أرتاح لحديثك.. لو لم يكن في المجرة بأكملها إنسان غيرك فأنا لا أريد أن تؤنسني.. أفضل الوحدة علي الجلوس إليك..
علي:         زن كلماتك فلست أنا رفيق السوء حتى تكون الوحدة خيراً مني.. قلل من انفعالك بعض الشيء.
آدم:          لا تغضب يا علي.. إنه لا يقصد هذا المعني بالتأكيد، وأنت يا ماهر.. كف عن إزعاجك له
(يذهب نحو ماهر ويهمس في أذنه بعض الكلمات ثم يلتفت إلي علي) دعونا نتحدث بهدوء.. هيا يا علي.. ما هي آخر اكتشافاتك أيها الزميل العزيز؟
علي:         آدم.. لا تنقصني مشاكلك.. كف عن العبث أرجوك..
آدم:          أنا أعبث.. بالتأكيد أنت تظلمني.. فقط أريد أن أغير هذا الحديث المتوتر بينك وبين ماهر.
علي:         لست واثقا من أغراضك..
آدم:          وماذا يثير شكوكك أيها الزميل العزيز؟
علي:         لا أدري ما سر هذا الود المفاجئ.. كما أن لهجتك غير مريحة..
آدم:          الود هو الود.. لا يحتاج لما يفسره، أما بخصوص اللهجة غير المريحة، فأنت تظلمني.. إنه يظلمني.. أليس كذلك (موجها حديثه لماهر).
ماهر:         بالتأكيد يظلمك..
علي:         كفا عن هذا الهزل..
آدم:          صدقني.. أريد أن أعرف ماذا تفعل في أبحاثك، وما هي آخر اكتشافاتك؟
علي:         مازلت أشك في أغراضك.. هل أنت جاد في طلبك؟
آدم:          كل الجدية..
علي:         لا أدري لماذا لا أصدقك..
آدم:          بل صدقني.. صدقني..
علي:         ماذا تريد أن تعرف؟
آدم:          ماذا تفعل في مختبرك الصغير هذا؟
علي:         لقد اكتشفت إنزيم نباتي جديد..
آدم:          وماذا يفعل هذا الأنزيم؟
علي:         حتى الآن لم اكتشف من خصائصه سوي شئ واحد فقط.
آدم:          وما هو هذا الشيء؟
علي:         هذا الإنزيم منفر للنمل، وحيثما يكون يبتعد النمل عن مكانه..
آدم:          عجيب.. وهل تستخدمه علي شكل دهان أو رش؟
علي:         يمكن أن يكون علي شكل دهان أو سائل هذا يتوقف علي طريقة التصنيع.
آدم:          تصور يا ماهر (سبراي) مضاد للنمل نصنع منه عطراً ترش به المرأة نفسها فيبتعد النمل عنها.
ماهر:         (يقهقه ضاحكا) عطر رائع بلا شك..
علي:         ليس من الذوق أن تسخرا من عملي.. (موجها حديثه لآدم) قلت لك أني لا أرتاح لأسلوبك.. لكني انسقت وراء أسئلتك، والمفروض أنك تعرف عن عملي كما أعرف عن عملك..
آدم:          يا صديقي أنا أفكر بطريقة عملية.. طريقة للاستفادة الاقتصادية من اختراعك العظيم.. تخيل.. إعلانات في الشوارع.. في السينما والتليفزيون.. تخيل ممثلة الإعلانات الجميلة تعلن عن عطر (نملينو) وامرأة فاتنة ترش نفسها بهذا العطر، ونملة تمسك أنفها من القرف، وتفر هاربة (يضحك آدم، وماهر) ما رأيك.. أليست فكرة إعلانية رائعة..
ماهر:         لا تسخر من الرجل يا آدم.. هو رجل علم في النهاية، وهو من هؤلاء الخضر الذين يهتمون بالبيئة بالدرجة الأولي.. إنه رجل حالم من عشاق ‎‎‎الطبيعة فكن به رفيقا.. أخي علي.. لا تغضب.. لا تغضب منه يا صديقي.
علي:             (متحفظا) ما هذا الود المفاجئ؟
ماهر:         يا رجل كن سمحاً.. أنت نفسك قلت أننا رفاق رحلة واحدة، ويجب أن نتعامل بود أكثر.. هيه.. قل لي من أي النباتات استخلصت هذا الإنزيم؟
علي:         من السمسم.
ماهر:         من السمسم.. إيييه.. شئ رائع.. رائع فعلا.. ما رأيك يا آدم.. ألم تلاحظ شيئا.. هناك شيء مميز في هذا الاكتشاف..
آدم:          ألاحظ.. ماذا ألاحظ في هذا الهراء..
ماهر:         لا تكن حقودا.. اسمعني.. ألست تلاحظ.. علي.. السمسم.. ألا يوحي ذلك لك بشيء؟
آدم:          أنا عاجز عن فهمك هذه الليلة يا ماهر.. ماذا تقصد؟
ماهر:         يا أخي.. عد بذاكرتك إلي الماضي.. الماضي البعيد.. أساطير الشرق وخرافاته.. علي بابا، والمغارة، والأربعين حرامي، وافتح يا سمسم..
آدم:          تعني..
ماهر:         أعني أننا الآن أمام معجزة خارقة.. نحن أمام علي بابا القرن الثاني والعشرين.. نحن أمام الحفيد الأسطوري للجد الأسطوري علي بابا.. ها هو علي بابا الجديد يخرج لنا من بين صفحات الأساطير ليقول للقرن الثالث والعشرين: افتح يا سمسم أبوابك.. افتح يا سمسم (ضاحكا) يا خيبة أمل العلم والعلماء.
علي:         لم أكن مطمئنا لودك المفاجئ، والآن كف عن هذرك السخيف هذا ودعني لشأني.
ماهر:         من منا السخيف؟ أنت وعبثك هذا أم نحن وعملنا المادي الواضح؟ هه..        نحن نطرق بأيدينا القرن الثالث والعشرين، وسعادتكم تتحدثون عن السمسم.. يا لغبائهم أولئك الذين رأوا فيك عالماً، وأرسلوك معنا.. مثلك يرد البشرية قرونا للوراء بأفكاره المتخلفة هذه.. يا لسخرية الأقدار.. علي بابا، وافتح يا سمسم.. هه.
آدم:          ها أنت قد عدت لقسوتك يا ماهر.. لا يا ماهر.. لا.. لا.. نحن الآن نشم عبير الشرق وسحره.. نحن الآن نطوف بساتين الخرافة ونحرق ‎البخور في معابد الغموض.. أرقص معي علي أنغام الشرق.. أرقص معي..
آدم، وماهر: (يدوران حول علي وهما يرقصان ويغنيان في صخب) علي بابا.. تشا تشاتشا.. علي بابا.. تشا تشاتشا.. علي بابا.. هات شيش كباب.. علي بابا.. مخه هباب.. علي بابا.. تشا تشاتشا.. علي بابا.. تشا تشاتشا (يدفعهم علي، ويخرج ساخطا فيسقطان علي الأرض أو المقاعد وهما يضحكان في صخب ومجون)
 آدم:         كم هو ممتع أن يكون معنا شخص أبله في سذاجة علي.. كم هو مسل.. إن وجوده يساعدنا علي تمضية الوقت..
ماهر:         لا أدري.. فأنا لا أحبه رغم كل شئ
آدم:          دعك منه الآن.. قل لي.. قبل أن ننطلق ذكرت لي أن لديك مفاجأة لن تعلن لي عنها حتى نصل للمحطة المدارية، وقد وصلنا.. ما هي مفاجأتك؟
ماهر:         هل تذكر التجربة التي حدثتك عنها قبل عام؟
آدم:          أية تجربة.. أنت لا تكف حديثاً عن مشروعاتك وتجاربك.
ماهر:         دعني أذكرك.. التجربة التي أود أن أخلط فيها بين أمشاج لجنسين.
آدم:          أنت تعلم أني لا أفهم أحاديثك المختلطة عن الوراثة والهندسة الوراثية.
ماهر:         لا تتذاكي علي.. وعموما سوف أشرح لك لأني بحاجة لمساعدتك.. أنت تعرف أن الخلية تضم في داخلها شفرة خاصة تحمل كل صفات المخلوق الذي يتكون من ملايين الخلايا.
آدم:          نعم، وأعرف جيدا أن هذه الصفات موجودة في حامض DNA
ماهر:         عظيم.. ها أنت قد اختصرت علي الطريق.. حامض DNA هو الهدف.. أنا.. أود أن أقطع سلسلة هذا الحامض وأخلط بين جنسين.
آدم:          أنت مخبول بلا شك.. ماذا تفيدك هذه التجربة.. إنها مغامرة غير مأمونة العواقب.. إنها مقامرة.
ماهر:         أوافقك أنها مغامرة.. ليست مقامرة.. بل مغامرة علمية.
آدم:          وما هي العناصر التي تود خلطها..
ماهر:         أود أن أعرف نتيجة خلط الخواص البشرية والحشرية.. لذلك أحضرت معي بعض الخلايا البشرية، وأود خلطها بخلايا النمل.
آدم:          يالك من مجنون.. ولماذا لم تفعل ذلك علي الأرض؟
ماهر:         ومن قال لك أني لم أفعل.. لقد حاولت.
آدم:          ولماذا تريد إعادة التجربة إذا؟
ماهر:         لأنها فشلت.
آدم:          وما دامت قد فشلت، فلماذا تعيدها؟
ماهر:         لأن الظروف هنا أفضل، وقد تساعد علي نجاح التجربة.
آدم:          كيف؟
ماهر:         أنا لم أفشل بالمعني المفهوم للفشل، ولكن التجربة لم تحقق النتائج المرجوة منها لأن ظروف الجاذبية الأرضية أثرت علي العمليات التقنية التي أجريتها.. شدة التنافر بين الأجزاء الخلوية نتيجة الجاذبية الأرضية كانت أقوى من عوامل الجذب.. لذلك لم تتحد الأجزاء الخلوية.
آدم:          تريد الاستفادة من ظروف انعدام الجاذبية؟
ماهر:         كما أن وجود مفاعل ذري يجعل الوضع مختلفاً.
آدم:          وما علاقة المفاعل الذري بتجربتك هذه؟
ماهر:         الإشعاع ضروري لتقليل التنافر بين الأجزاء ومقاومتها للدمج..
آدم:          أتعني..
ماهر:         نعم.. هذا هو الدور الذي أطلبه منك.. نعم يا صديقي.. قليل من الأجسام المشعة..بعض أشعة جاما، وأشعة الليزر..
آدم:          أنا لا أود التدخل في عملك، فأنت أدري به.. لكن هل تعتقد أن هذه التجربة مأمونة العواقب؟
ماهر:         وما هي الخطورة في دمج بعض الخلايا؟
آدم:          لا أدري، ولكن هناك دائما احتمالات لخطر..
ماهر:         لا تكن جبانا يا صديقي.. أين روح التجريب والمغامرة؟
آدم:          المسألة تتجاوز كونها جبنا أم شجاعة.. مثل هذه التجارب تستلزم حسابات عدة.. دقيقة.. البحث العلمي ليس مغامرة.
ماهر:         آاااه.. ها أنت تفكر بطريقة رفيقنا علي.. دعك من هذه الطريقة.. كن متطلعاً.. كن طموحاً.. تخيل نتائج هذه التجربة.. جزء من حامض DNA البشري مدمج بنظيره الخاص بالنمل.. هل تتخيل ماذا يمكن أن يحدث؟ هل تتخيل ماذا يعني أن تحصل علي نمل ذو خصائص بشرية؟ أو بشر بخصائص النمل؟ هل تعرف إلي أي مدي يمكن أن يؤثر ذلك في تاريخ البشرية؟
آدم:          إيه.. إيه.. اهدأ قليلا.. تتحدث كما لو كنت آتياً بما لم يأت به الأوائل..
ماهر:         فعلا.. هذا ما سوف يحدث.. المستقبل الذي تصنعه الهندسة الوراثية يوماً بعد يوم أكبر من أية منجزات.. خاصة إذا تحررنا من قيود الماضي المتخفية تحت دعوى القيم والأخلاق.
آدم:          أتظن ذلك؟
ماهر:         بكل تأكيد.. لولا الضوابط والقيود التي وضعت علي تجارب الهندسة الوراثية لكان الواقع الآن شيئاً مختلفاً كل الاختلاف.
آدم:          ا تعتقد ذلك؟
ماهر:         بكل تأكيد.. التاريخ تصنعه أيدي البشر.. العلم أعظم أداة في يد الإنسان، والهندسة الوراثية أعظم هذه الأدوات علي الإطلاق.. إنها أقوي العلوم اليوم.. هل تذكر عدد الأمراض التي قضت عليها الهندسة الوراثية؟.. هل تذكر كم الأدوية التي أضافتها الهندسة الوراثية للمواد الصيدلية المعروفة.. هل تذكر عدد النباتات التي تطورت بفضل الهندسة الوراثية، وكم من الحيوانات والحشرات تحكمت في سلالاتها، وإنتاجها؟
آدم:          صحيح.. كلامك صحيح.
ماهر:         إذن سوف تساعدني.. ستساعدني.. هه..
آدم:          سوف أساعدك..
ماهر:         إذاً.. نبدأ.
آدم:          الآن..
ماهر:         الآن..
آدم:          الآن.. الآن.. لم لا..
ماهر:         هيا بنا..
ظلام
 المشهد الخامس
يتغير الديكور في الظلام لنصبح في معمل الإشعاع، ويدخل ماهر مع عودة الإضاءة وهو يدفع بطاولة متحركة من طاولات المختبرات ويضعها بحرص شديد في وسط المسرح.. تعود الإضاءة بشكل تدريجي.. الإضاءة خافتة، الجزء الأمامي من الإضاءة يأتي من أسفل، ويميل للون الأصفر، والأحمر بدرجاتهما، وتراكيبهما، وجزء آخر من الإضاءة يأتي من جانب المسرح بحيث يلقي بظلال طويلة واضحة علي المسرح، والجزء الباقي من الإضاءة يأتي من الخلف بحيث يشكل الممثلين في جزء كبير من المشهد سيلويت – الموسيقى متوترة وموحية بحدوث حدث خطير تتصاعد في كريشندو يصل إلى ذروته بذروة المشهد.
ماهر:             ها هي العينات يا صديقي..
آدم:              وماذا سنفعل الآن؟
ماهر:             سأجري لك جزءاً من التجربة التي سبق وأجريتها من قبل حتى ترى مدى حاجتي لأشعتك الملعونة..
آدم:              ها قد بدأ لسانك عزفه البذيء.
ماهر:             دعك من اللغو.. تعال انظر إلى شاشة الميكروسكوب الإلكتروني.
(يتحرك ماهر برفق حاملاً عينة بين يديه يضعها في جهاز الفحص.. ظهر شاشة الميكروسكوب أمام الجمهور، وأمام الشاشة يقف ماهر يراقبه آدم وهو يعمل.)
ماهر:             أنظر هذه هي خلايا النمل، وهنا أجزاء الحامض النووي البشري
آدم:              DNA بشري؟
ماهر:             نعم.. أنظر.. حين أحاول حقن هذه الأجزاء من الحامض النووي البشري في عينات النمل تختفي بعض لحظات.. تمتصها خلايا النمل..
آدم:              وكيف تتغلب على هذه المشكلة؟
ماهر:             هذا ما أحوجني إليك.. بالأشعة.. سنعرض خلايا النمل لجرعة من الإشعاع لتقليل قدرتها على قتل وامتصاص الأجسام الغريبة.. التي هي في تجربتنا الحامض النووي البشري.
آدم:              وبعد ذلك؟
ماهر:             بعد ذلك سأحقن المادة البشرية ثم نعرض المزيج لقدر آخر من الأشعة لتنشيط الالتحام.
آدم:              في المرة الأولى أشعة جاما، وفي الثانية أشعة ليزر..
ماهر:             أخيراً بدأ الجزء الميت المسمى رأسك في العمل.. بدأت تفهم.. هيا بنا نبدأ
(تتحرك الطاولة لتصبح وراء حاجز رصاصي وينزل من السوفيتا صندوق زجاجي به ذراع آلي ورأس جهاز إشعاعي.. يضع ماهر العينة في الصندوق الزجاجي بواسطة اليد الآلية.)
ماهر:             إجراءات الوقاية كافية.. أليس كذلك؟
آدم:              بالطبع.. هذا الصندوق مرصص لمنع نفاذ الإشعاع.
ماهر:             حسناً.. ابدأ التعريض..
آدم:              حسناً؟؟
(يحرك آدم الرأس المشع حتى يصبح فوق العينة ثم يبدأ في إطلاق شحنات من الأشعة على العينة تخرج على شكل نبضات من الضوء البنفسجي الباهت..)
ماهر:             ما هذا الضوء؟.. أشعة جاما لا تصدر ضوءاً.
آدم:              أعرف ذلك أفضل مما تعرف.. هذا الضوء تطوير في الجهاز يتيح لنا أن نشاهد خط سير الإشعاع.. تطوير علمي جديد..
ماهر:             حسناً.. لماذا توقفت؟
آدم:              الجرعة المحددة اكتملت..
ماهر:             إذاً.. ارفع معداتك الثقيلة هذه
آدم:              ما أغرب طبعك حين تنتهي حاجك تصبح الأشياء ثقيلة وكريهة؟
ماهر:             تحرك، وكف عن هذا اللغو.. لا وقت لدينا..
آدم:              (وهو يزيل المعدات) ها قد أزيلت المعدات..
ماهر:             (يبدأ العمل في حقن العينات ومزجها – يخاطب آدم في فرح مجنون) حسناً.. أنظر يا آدم.. أنظر.. لقد نجحنا.. خلايا النمل لا تطرد المادة البشرية.. لقد نجحت الخطوة الأولى.. لقد نجحت.. نجحت..
آدم:              تعني نجحنا.. المهم ما هي الخطوة التالية؟

ماهر:             أشعة الليزر.. أشعة الليزر

(يحرك آدم جهازاً آخر يشبه المدفع يطلق أشعة ذات لون أحمر لازوردي يوجهه نحو العينة)
آدم:              أنا جاهز.. هل أبدأ التعريض؟
ماهر:             فوراً..
آدم:              (يوجه الجهاز نحو العينة وبعد فترة من التعريض) الجرعة المحددة اكتملت.
ماهر:             (يدقق النظر في شاشة الميكروسكوب) لا تغيير يذكر.. زد الجرعة..
آدم:              حسناً (يعيد تعريض العينة) الجرعة الثانية اكتملت..
ماهر:             (مازال يدقق النظر في شاشة الميكروسكوب) استمر.. زد الجرعة.. لا تتوقف.. بدأ التغيير يحدث..
آدم:              الجرعة كبيرة للغاية يا ماهر.. قد تكون النتائج خطيرة.
ماهر:             استمر أيها الأحمق.. لقد بدأت التجربة تؤتي ثمارها..
آدم:              الجرعة كبيرة بشكل خطير..
ماهر:             (في حالة هستيرية) استمر.. استمر..
يقطع الصوت حدوث انفجار ضخم في المعمل تتناثر خلاله قطع من الأجهزة ودخان كثيف مع حركة فلاشر تبدو خلالها كائنات تشبه النمل تتضخم حتى تصل إلى حجم الرجل.. آدم وماهر يقفان في وسط مقدمة المسرح بالقرب من الأفانسين وظهريهما للجمهور ينظران في فزع ورعب إلى المشهد وملابسهما ممزقة، وعليهما آثار الانفجار
آدم:              يا إلهي.. ماذا فعلنا؟
ماهر:             (يشير للنملة الضخمة) هل ترى ما أرى؟.. أكاد لا أصدق عيني..
آدم:              أمساخ.. لقد صنعنا أمساخاً.. حاولت أن تصنع بشراً بخصائص لنمل فصنعت نملاً بحجم البشر ستدمرنا الأمساخ..(يوليان الفرار)
ظلام

المشهد السادس


(معمل على.. يدخل آدم وماهر في حالتهما السابقة التي يرثى لها)
آدم:              النجدة.. النجدة يا علي.
علي:             ماذا حدث لكما؟ أين كنتما حين حدث الانفجار؟.. هل تعرفان مكانه؟ ما هو سببه؟
آدم:              سببه هذا المخبول (يشير إلى ماهر)
ماهر:             كارثة.. كارثة.. لقد حصلت كارثة..
علي:             أفصح.. ماذا تقصد بكارثة؟
آدم:              لقد صنع ماهر أمساخاً..
علي:             أمساخ؟
ماهر:             (متحدثاً إلى آدم) صنعناهم معاً.. لم أصنع شيئاً بمفردي..
آدم:              إنها فكرتك أنت، وتجربتك أنت..
ماهر:                وأنت شريكي (يتماسكان ويشتبكان فيتدخل علي للمباعدة بينهما)
علي:             كفا عن لعب الصبية هذا، وأوضحا لي ما حدث..
آدم:              كان سعادته يجري تجربة على دمج خلايا النمل بحامض DNA البشري
ماهر:             وأنت ساعدتني.
علي:             وكيف ساعدك؟
ماهر:             وفر لي مصادر الأشعة الضرورية للتجربة..
آدم:              أنت من أصر.. أنت ضغطت على..
ماهر:             وهل أنت طفل عديم الإرادة.. هل ضربتك على يدك؟
علي:             كفا عن هذا الهذر.. ليس مهماً الآن من فعل.. المهم ماذا حدث وكيف نواجهه.
ماهر:             لقد زاد جرعة الإشعاع فحدث انفجار..
آدم:              أنت من أصر على زيادة جرعة الأشعة.
ماهر:             وأنت.. ألا عقل لك.. أليست لك شخصية.. لو طلبت منك قتل نفسك هل تسمع كلامي؟
علي:             ليس هذا بالوقت المناسب.. ماذا حدث بعد الانفجار؟.. ما هي حكاية الأمساخ هذه؟
آدم:              بعد الانفجار رأينا النمل يزداد حجمه فتصبح النملة في حجم الرجل وشكل الرجل.. رجل برأس نملة وأطراف نملة.. شئ مخيف.. مخيف.. افعل شيئاً يا علي.. أنقذنا.. أرجوك..
(في نفس اللحظة يدخل بعض أمساخ - سنسميها ANTO - يصرخ آدم في هلع)
آدم:              ها هي.. لقد حاصرتنا.. لقد حاصرتنا..
(يتقدم أحد أمساخ ANTO من يسار المسرح ويمسك ببعض قطع الأثاث ويأخذ في تحطيمها يرفع آدم مسدس ليزر ويصوبه نحو المسخ ويطلق عليه النار فيسقط المسخ)
آدم:              لقد أصبته.. أصبته
ماهر:             (في هلع) لا تفرح كثيراً.. أنظر حولك..
(ينهض المسخ يبدو عليه الغضب، ويأخذ في تحطيم المكان بينما تدخل المسرح أمساخ ANTO أخرى تنضم لعملية التحطيم مصدرة أصوات مرعبة – تتساقط حول الرواد قطع الحطام)
آدم:              (بصوت خائف) لم تؤثر فيه أشعة الليزر..
علي:             لم تخبروني بكل الحقيقة.. ماذا حدث بالضبط؟
ماهر:             ليس هذا بوقت للحكايات.. لابد أن نهرب.
(طوال الحوار يناورون للابتعاد عن الأمساخ ANTO)
آدم:              وأين نهرب؟ أنسيت.. نحن معزولون هنا في الفضاء.
علي:             يجب أن أعرف حتى نستطيع أن نجد حلاً.
آدم:              ليس هناك أكثر مما ذكرناه لك.. لقد خلطنا أمشاج النمل والإنسان
علي:             كيف؟
ماهر:             بالأشعة؟
علي:             أي أنواع الأشعة؟
ماهر:             أشعة جاما وجسيمات ألفا..
آدم:              أيضاً ليزر أزرق.. ليزر أزرق..
علي:             لذلك لم تؤثر فيه أشعة مسدس الليزر..
(يحاصرهم أحد أمساخ ANTO في زاوية)
ماهر:             (لعلي): لقد هلكنا.. انتهينا
علي:             ليس بعد..
(يضغط على زر فتنفتح كوة يهربون منها ويغلقونها بينما تقف أمساخ ANTO في وسط المسرح في مظاهرة مرعبة يتصاعد من حولها الدخان والإضاءة تخفت تدريجياً حتى..)
ظلام
 المشهد السابع
(المحطة المدارية الرواد الثلاثة في حالة يرثى لها ووضع سيئ يتجادلون)
آدم:              ما رأيكم.. كيف نتصرف؟
علي:             قد يكون من المناسب إخطار القاعدة في الأرض.
ماهر:             كلا.. لا تفعل.. أنت تدمرني بهذه الطريقة.
آدم:              وماذا نستفيد من إخطار الأرض؟
علي:             ألا تدركون حجم الكارثة؟ ألا تستطيعان أن تعرفا إلى أي مدى أوصلتنا تصرفاتكم غير المسئولة؟
ماهر:             كف عن التعريض بنا.. ليست مناسَبة مناسِبة لتفرغ أحقادك كما أنك لست في وضع يعطيك حق معاملتنا بهذا الشكل.
آدم:              صحيح.. لا تتسيد علينا.. ما حدث قد حدث، وعلينا مواجهته.
علي:             يا للوقاحة.. تتسببان في كارثة لا يعلم إلا الله مداها وتودان إخفاءها؟ ألا يكفيكما ما فعلتما حتى تتستران.. أيضاً.. بالكذب؟
ماهر:             كارثة.. كارثة.. لم يحدث شئ حتى الآن.
علي:             وهذه المسوخ التي صنعت.. ألا تعرف إلى أين يمكن أن تقود البشرية؟
ماهر:             إنها مجرد حشرات.. حشرات كبيرة، وسيتم القضاء عليها كغيرها من الحشرات.
علي:             أتمنى أن تعرف ولو لمرة واحدة حقيقة ما تفعل.. أنت بكل ما تملكه من معرفة وعلم تتجاهل الحقيقة الناصعة التي يعرفها حتى أبسط الناس اليوم. إن القضاء على جنس أو نوع يهدد التوازن الحيوي والبيئي في الكون كله، فما بالك بإنتاج كائن جديد، ويا ليته كان ميكروباً أو طفيلياً يمكن التحكم فيه.. بل نحن أمام مسخ.. مسخ جبار.
آدم:              ولو.. ما الفارق؟
علي:             الفارق أن هذه الأمساخ لو تمكنت فسوف تقضي على الجنس البشري بأكمله.. سينتهي جنس الإنسان، ومن أجل ماذا؟ من أجل نزوة، وفضول علمي غير مسئول أو ملتزم.
ماهر:             كف عن هذا الهراء، ولا تحولها إلى ميلودراما شرقية.
علي:             لديك جرأة غريبة لم أتخيلها قط، ولم تخطر لي على بال.
ماهر:             سوف أريك كيف تكون الجرأة..
(يهاجمه محاولاٌ لكمه، فيمسك علي بيده بعنف ويصده يحاول ماهر التخلص فيضغط علي عليه وماهر يقاوم لكن ينجح علي في السيطرة عليه ويجعله يركع على ركبتيه أمام علي وظهره للجمهور وعلي يواجهه ويواجه الجمهور)
علي:             آمل أن تكون قد استوعبت الدرس.. لا تعتقد أن سكوتي عليك كان خوفاً منك.. أنا لم أتعامل معك بضعف بل بتواضع، وأنت لم تفهم.. أنت أغبى من أن تميز بين الضعف والتواضع.
آدم:              كفى يا علي.. لا تتعاظم.
علي:             أصمت أيها المنافق.. (يرتد آدم مندهشاً)
علي:             حتى أنت لم تحترم صمتي وصبري على وقاحته، واعتقدت أيضاً أني فعلاً ضعيف، ونصرته علي لا لشيء سوي ضعف نفسك ورغبتك الوضيعة في التسلية وتمضية الوقت.
آدم:              علي.. هل جننت؟ … هل تدرك ما تقول؟
(ينسحب مع ماهر إلى أعلى يمين المسرح في خوف وعلي في مقدمة وسط المسرح يبدو مسيطراً تماماً)
علي:             أنا أدرك تماماً من أنتما.. أعرف جيداً كيف يجب التعامل معكما منذ البداية.. لكنني أعطيتكما ونفسي الفرصة لنلتقي.. لكن.. للأسف اعتبرتما صبري ضعفاً، وتواضعي مهانة، والآن قد أتى الوقت ليوضع كل في مكانه الصحيح.
ماهر:             ماذا تقصد؟
علي:             حتى تستوي الأمور منذ الآن أنتما خاضعان لأوامري.
ماهر، وآدم:      خاضعان لماذا؟
علي:             (بهدوء شديد) لأوامري، وإذا لم تستجيبا، فالحل أسهل مما تظنان.
ماهر:             (ساخراً) وما هو الحل يا عبقري زمانك؟
علي:             (بهدوء أشد) سوف أشد وثاقكما وأضعكما في الغرفة المجاورة.
آدم:              أية غرفة مجاورة.. أنت تهذي بلا شك.
علي:             بل أنا جاد كل الجد.. في الغرفة المجاورة.. مع ما صنعت أيديكما..
ماهر:             مع الوحوش؟
آدم:              لا يمكن.. لا تستطيع..
علي:             بل أستطيع..
ماهر:             حاول إذاً
(يهاجم علي بحركة من حركات القتال فيستقبله علي ويوقعه أرضاً ويشل حركته.. حين يحاول آدم لا يكون حظه أفضل من حظ رفيقه)
علي:             لم لا تحاولان مرة أخرى؟
آدم:                        أعتقد أن الحوار شئ أكثر حضارة..
علي:                       حضارة؟ كم من الجرائم ترتكب باسمك أيتها الحضارة.
ماهر:                       وماذا ستفعل الآن؟
علي:                       علينا الاتصال بالأرض.
ماهر:                       أرجوك.. لا تفعل.. ستدمر مستقبلنا..
علي:                       مستقبلكما في كفة، ومستقبل البشرية كلها في الكفة الأخرى.. ماذا تعتقد أني سأختار؟
آدم:                        لن تفلت بما ستفعل.. أنت شريكنا.. على الأقل سندعي ذلك..
علي:             أفعل ما شئت.. أنا لا يهمني ادعاءاتك الواجب هو الواجب.
ماهر:             لابد أن هناك حل آخر.. دعنا نحاول.. قد ننجح في السيطرة على الموقف.
علي:             بالتأكيد سنحاول - لكن - بعد إخطار القيادة في الأرض.
آدم:              يعني لا فائدة.
علي:             بل كل الفائدة.. لسنا وحدنا في هذا الكون، ولسنا أفضل من الآخرين حتى نتخذ القرارات نيابة عنهم.. ما حدث يخص الكون كله.
ماهر:             ستدمرني.
علي:             وأنت.. ألم تسعى لدمار الكون كله بعبثك؟.. ماذا لو قضت علينا هذه الأمساخ وانطلقت إلى الأرض.. هل تعلم حدود قوتها؟.. هل تعلم أهي كائنات ذكية اكتسبت ذكاء البشر أم لا؟ هل تعلم عنها أي شئ.. يجب أن نتصل بالأرض.. يجب أن يعلم مقر القيادة بكل شئ.
 (يحاول آدم وماهر الهجوم عليه … تدور بينهما معركة ينجح علي خلالها في التغلب عليهما ويقيدهما، ويتجه نحو أجهزة الاتصال)
علي:             GLOBE II تنادي الأرض GLOBE II تنادي الأرض.. أجب.. GLOBE II تنادي الأرض.. حول..
صوت الأجهزة: هيئة البحوث الفضائية ASER تنادي GLOBE II نحن معك.. حول
علي:             لدينا مشكلة خطيرة.. هل تسمعني.. حول.
صوت الأجهزة: أسمعك بوضوح.. ما هي المشكلة؟
علي:             أجري ماهر وآدم تجربة خطيرة بدون علمي نتج عنها مشكلة قد تهدد البشرية كلها.. حول.
صوت الأجهزة: كلامك غير واضح.. ما هي المشكلة.. أوضح.. حول..
علي:             لقد أجريا تجربة من تجارب الهندسة الوراثية بالاستعانة بالإشعاع في ظروف انعدام الوزن نتج عنها وحوش ممسوخة ضخمة.. حول.
صوت الأجهزة: وحوش ممسوخة؟ ما هذا الكلام.. ما معناه؟ أوضح أكثر..
علي:             مزج ماهر أمشاجاً بشرية بخلايا النمل مستخدماً الإمكانيات الإشعاعية في مختبر آدم.
صوت الأجهزة: فنتج عنها الوحوش الممسوخة التي تحكي عنها … ما حجمها؟
علي:             هي في حجم الإنسان تقريباً.
صوت الأجهزة:وما شكلها؟
علي:             إنها تشبه النمل ولكنها تقف على قدمين وهيكلها يشبه هيكل البشر.
صوت الأجهزة: وما مدى خطورتها؟
علي:             إنها وحوش حقيقية.. تخيل نملة في حجم الإنسان، أو إنسان بقدرات النملة الخارقة..
صوت الأجهزة: سنطلق على هذه الكائنات الاسم الكودي ANTO.
علي:             سمها ما شئت.. ماذا نفعل الآن؟
صوت الأجهزة: كم عدد هذه الوحوش؟
علي:             لا أعرف.. لا أعرف.
صوت الأجهزة: هدئ من روعك.. ماذا عن ماهر وآدم؟
علي:             حاولا منعي من إخطاركم فاضطررت للسيطرة عليهما بالقوة البدنية
صوت الأجهزة: أحسنت.. كيف تقييم للوضع لديكم الآن؟
علي:             ماهر وآدم مقيدان، وقد أغلقت مختبر آدم علي ال ANTO، ولا أعرف إلى أي مدي سيصمد المختبر قبل أن يتمكنوا من تحطيمه..
صوت الأجهزة: مبدئياً أخطركم بأن هذه المشكلة يجب أن تحل في الفضاء قبل هبوطكم.. نحن لا نعرف مدى خطورة هذه الكائنات على الحياة الطبيعية في الأرض، ولابد لنا من تقييم الوضع في هدوء..
علي:             حاول أحد الزملاء إصابة واحد من الوحوش بمسدس الليزر، ولم يؤثر الليزر في الوحش.
صوت الأجهزة: كل شئ متوقع.. نحن أمام واقع جديد يلزمنا أساليب مختلفة للسيطرة عليه..
علي:             لدى فكرة متردد في تنفيذها؟
صوت الأجهزة: ما هي؟
علي:             لقد حققت نجاحاً في السيطرة على النمل بالأنزيم الذي تم استخراجه من السمسم.. قد يكون من المناسب أن أحاول به السيطرة على هذه المخلوقات..
صوت الأجهزة: وهل لديك كميات تكفي لمثل هذه المغامرة..
علي:             أعتقد ذلك..
صوت الأجهزة: كل ما يمكنكم عمله لتأمين وضعكم مقبول بشرط الالتزام بتعليمات الهيئة من حيث سلامة البيئة سواء في الأرض أو الفضاء.
علي:             سوف يكون ذلك نصب أعيننا
صوت الأجهزة: يجب أن تعودا فريقاً واحداً.. أنتم بحاجة لجهود كل واحد منكم
علي:             وما هي أوامركم؟
صوت الأجهزة: أنت منذ هذه اللحظة قائد العملية، أطلق سراح آدم وماهر ليعملا تحت أمرتك..
علي:             عُلم (يبدأ في فك وثاقهما) تم..
صوت الأجهزة: وأنتما عليكما اتباع الأوامر بكل دقة.. أوامر علي لها الأولوية في التنفيذ.. منذ اللحظة هو مسئول عن المهمة GLOBE II بما فيها شخصيكما.. مسئوليته كاملة، والتعرض لها سيواجه بأقصى العقوبات.
آدم:              علم وسينفذ..
صوت الأجهزة: ابقوا أجهزة الاتصال مفتوحة، وسنبقى على اتصال دائم بكم..
ظلام
 المشهد الثامن
(المحطة المدارية الرواد الثلاثة في حالة عمل دائب.. صوت المحطة الأرضية طرف دائم في الحوار.. الإجراءات على قدم وساق للتحكم في الوضع.. يتخلل الحوار ضجة من جهة الباب الموجودة خلفه وحوش ANTO ومحاولات لكسر الباب)

علي:             لقد استطعنا عزل وحوش ال ANTO في أحد قاعات المحطة الفضائية
 صوت الأجهزة: أمر طيب.. هل أنجزتم تجميع المنتج من إنزيم السمسم؟
علي:             لقد أنجزنا ذلك، وأنتجنا أيضاً كمية إضافية..
صوت الأجهزة: من المؤكد الآن أنه لا يمكنكم استخدام أسلحة الليزر في مواجهتها
آدم:              أعتقد ذلك يا سيدي..
علي:             ربما كان الأنسب هو استخدام التقنيات الأقرب للطبيعة.
صوت الأجهزة: هل لديكم خطة معينة؟
علي:             ليست خطة بالمعنى المفهوم، ولكنها أفكار للمناقشة.
آدم:              وماذا سنفعل الآن؟
صوت الأجهزة: دعنا نعرف ماذا لدى علي.. تحدث يا علي..
علي:             أعتقد أنه بإمكاننا إضعاف قوة هذه الوحوش باستخدام إنزيم السمسم ثم السيطرة عليها بوسائل بسيطة.
ماهر:             ماذا تقصد بوسائل بسيطة؟
علي:             أقصد أن نحاول بالطرق القديمة.. تقنياتMARSHAL ARTS أو ما يسمي بفنون القتال الشخصي..
آدم:              يا سلام.. ما لم تفلح فيه أحدث العلوم تريد مواجهته بهذا الأسلوب البدائي؟
علي:             وهل لديك حل أفضل؟
آدم:              حل؟.. ماذا تعني؟
علي:             أعني هل تعرف كيف نواجه هذه المشكلة التي شاركت في صنعها؟
آدم:              أعتقد أن هناك وسائل علمية لمواجهة ذلك..
علي:             وفنون القتال الشخصية هي علوم يا سيدي.. علوم شرقية تواصلت مع أعمق قدرات الإنسان، ولكنها لا ترضيك لأنها شرقية الأصل..
صوت الأجهزة: ليس هذا بوقت مناسب للخلافات.. لا بد من السيطرة على الموقف..
ماهر:             (يخاطب المحطة الأرضية) هل لديكم أنتم أفكار أو أساليب أو أجهزة يمكنكم تزويدنا بها؟
صوت الأجهزة: أنتم من صنعتم الموقف، وأنتم الذين تعيشونه.. يفترض فيكم أنكم مؤهلين..
علي:             لا بأس لو قدمتم لنا أي نوع من الدعم..
صوت الأجهزة: الموقف لا يتحمل ترف الانتظار.. يجب حسم الموقف.
علي:             إذاً ما هي الأوامر؟
صوت الأجهزة: كونوا فريقاً يقوم بالعمل على النحو التالي.. بقدر الإمكان حاولوا أن تواجهوا أنتم الثلاثة وحوش ANTO كل وحش على حده..
علي:             هذه أمر ممكن.. سنفتح الباب الفاصل بيننا وبينهم لبرهة تسمح بدخول وحش واحد ثم نغلق الباب.. ماذا بعد ذلك؟
صوت الأجهزة: يقوم واحد منكم برش هذه الكائنات بأنزيم السمسم، والمفترض نتيجة لأبحاثك أن يحدث ضعفاً مؤثراً في هذه الكائنات باعتبار أن عنصر النمل فيها جزء أساسي..
آدم:              وبعد ذلك؟
صوت الأجهزة: يكون الاثنان الآخران مستعدان للسيطرة على هذه الوحوش بالقوة البدنية..
ماهر:             هل نقتلها؟
صوت الأجهزة: بالتأكيد لا.. لا بد من دراسة هذه الكائنات، والتعرف على نتيجة هذا العمل.. قيدوهم بشكل يؤمن وصولهم للأرض، وسوف يكون لنا هنا تصرف آخر..
ماهر:   (بفرح) هل رأيتما.. التجربة لها قيمتها العلمية الكبيرة رغم كل شئ.
علي:             لم ننكر قيمة العلم، ولكن على الإنسان أن يتنازل عن بعض غروره الذي يساهم في صنع الكوارث.. أم نسيت هيروشيما وناجازاكي؟
آدم:              لا بأس.. من يقوم بالرش؟
صوت الأجهزة: هل الإنزيم موجود في متناول أيديكم؟
علي:             لقد عبأته في أحد الرشاشات الكبيرة التي نستخدمها في التطهير تحت ضغط الهواء، وأصبح جاهزاً للاستخدام.
آدم:              من يقوم بالرش؟
صوت الأجهزة: وهل تعرف كيفية تأثير هذا الإنزيم على هذه الكائنات؟
علي:             على هذه الكائنات لم أعرف بعد.. أما على النمل فهو ذو تأثير مثبط للجهاز العصبي للنمل يصيبها بحالة من الوهن.
آدم:              من يقوم بالرش؟
صوت الأجهزة: من يقوم بالرش.. من يقوم بالرش عل طبعاً من سيقوم بالرش..
علي:             لو وافقتم أفضل أن يقوم أحد الزملاء بالرش بينما أشارك في المواجهة البدنية مع وحوش ANTO.. أنتم تعرفون خبرتي بالقتال بدون أسلحة..
صوت الأجهزة: لا مانع.. من ترشح للقيام بهذه المهمة..
علي:             ربما آدم.. فهو متشوق للقيام بهذا العمل..
آدم:              أنا.. كلا.. أنا لا أريد القيام بهذا العمل..أريد العمل مع علي..
صوت الأجهزة: إذاً.. لم يبقى سوى ماهر للقيام بهذه العملية.
ماهر:             لا مانع لدى.. هل هناك أماكن معينة مطلوب توجيه الأنزيم إليها؟
علي:             لا ليس هناك منطقة معينة.. فقط يتم توجيه الرشاش إليها لتتعرض لأكبر كمية من الأنزيم.
صوت الأجهزة: وهل لديكم أربطة قوية لتقييدها؟
آدم:              لدينا أربطة من اللدائن الصناعية والألياف الزجاجية نستخدمها في مهامنا العلمية، وهي قوية ومرنة بما يكفي..
علي:             إذاً نبدأ على بركة الله..
(يتوجه ماهر إلى جانب من المسرح ويحمل في يده مضخة أشبه بمضخة الحريق ويقف بجوار الباب المتوقع مه دخول وحوش ANTO في مواجهة الباب بميل جانبي يمكنه من استقبال القادم مباشرة بينما يتوجه آدم لفتح الباب، وإعادة إغلاقه بعد دخول الوحش علي في موقف استعداد لاستقبال الوحش يفتح الباب، ويدخل أول وحش يتم رشه ويسرع آدم في إغلاق الباب بينما يهاجم علي الوحش ويتوجه آدم لمساعدته حتى تتم السيطرة على الوحش وتقييده وتتكرر هذه العملية عدة مرات في بعضها يتمكن وحشان من الدخول فتتغير طبيعة الصراع ويتدخل ماهر للمساعدة حتى تتم السيطرة على جميع الوحوش وتقييدها)
صوت الأجهزة: تمت العملية؟
علي:    (بصوت مجهد يلهث) نعم.. تمت السيطرة على جميع الوحوش.
صوت الأجهزة: كم عددها؟
ماهر:             عددها ستة..
صوت الأجهزة: ابدءوا التحضير فوراً للعودة للأرض.
علي:             حاضر..
(يتوجهون كل واحد منهم لموقعه، ويبدءون عملية العودة التي تظهر على الشاشة مع كلمة النهاية ثم)

ستار الختام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق