الثلاثاء، 11 يناير 2011

الاغتراب

هو النفور من الأفراد الآخرين ، وعدم الرغبة في التعامل معهم – سواءً كانوا من شخصيات المجتمع العادية ، أو حتى من زملاء العمل – واستخدم المصطلح في بعض الأحيان بمفاهيم متناقضة ؛ حيث يعتبر علماء النفس أن الاغتراب ليس إلا حالة فصام شعوري ( فقدان للتكيف ) تنتاب الشخص فتجعله أقل فاعلية ، وواضح أن هذا التفسير يركز على المشاكل الشخصية التي تعوق تكيف الفرد مع المجتمع ، ويعتقد بعض الفلاسفة في المقابل أن الاغتراب أمر محتوم ؛ لا يمكن اجتنابه حين ينتجه مجتمع مسطح ضحل لا يحترم الفردية ، ويبلغ الاغتراب أقصاه فيما يعرف بـ ( صراع الأجيال ) أو ( الهوة بين الأجيال ) واتضح ذلك بقوة في أحداث الستينيات الميلادية التي اجتاحت العالم الغربي على شكل ردود أفعال تراوحت بين السلبية المطلقة إلى الأنشطة والأعمال المتطرفة شديدة العدوانية .
ومفهوم الاغتراب ليس مفهوماً حديثاً – على عكس ما يعتقد البعض – بل هو مفهوم قديم جداً ، فقد كتب القديس أوغسطين عن الاغتراب ( ولد في شمال إفريقيا عام 354 م في منطقة تقع بالجزائر الآن كانت وقتها تابعة للإمبراطورية الرومانية ، وتوفي عام 430 م ) ونسبه إلى الطبيعة البشرية الآثمة مرتكبة الخطايا ، والتي تحيد بالإنسان عن طريق الإله فيغترب ، وكان اعتقاده أن الإنسان قادر على إصلاح نفسه ، والتصالح معها بالإيمان بالسيد المسيح ( عليه السلام ) .
وقدم كارل ماركس تفسيراً اقتصادياً للاغتراب يرى فيه اغتراب العمال ناتجاً عن استغلال أصحاب العمل لهم في أعمال يجبرونهم على أداءها ، ولا يستطيع العمال تحقيق ذواتهم فيها بالإبداع ؛ بل عليهم القيام بأدوار محددة في منظومة عمل تحولهم إلى تروس في آلة ضخمة هي الرأسمالية ( التي هي سبب اغتراب العمال ) ويرى كارل ماركس أن الحل في الاشتراكية ، والشيوعية .
ويفسر فرويد الاغتراب بأنه إقصاء ذاتي ( عزل الإنسان نفسه عن الآخرين حتى لو تعامل معهم ) ناتج عن انفصام وعي الإنسان عن لا وعيه .
ويقدم علم الاجتماع وجهة نظر أخرى حيث يقول الفرنسي إميل دوركهام (1858 – 1917 م) أن الاغتراب هو الخروج عن المألوف ، أو افتقاد الانتماء ، والانفلات من التقاليد الاجتماعية والعقائدية ، وقد وسع علماء الاجتماع – فيما بعد – وجهة نظر دوركهام هذه عن الاغتراب بإضافة عوامل وتفسيرات أخرى .
ويعبر الوجوديون عن الاغتراب على لسان سورن كيركجارد ، ومارتين هيدجر ، وجان بول سارتر بأن الاغتراب نتاج للعزلة الذاتية ، وإحساس الإنسان بالعجز في مواجهة قدره ومصيره الخاص ؛ الذي يراه محتوماً ؛ وأن الإنسان لا يمكنه تجنب الشعور بالاغتراب .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق